الخميس، 21 أكتوبر 2010

هيثم أبو خليل.هل يوجد بالفعل تيار إصلاحي بالجماعة

المهندس هيثم أبو خليل مع الأستاذ فريد عبد الخالق أحد القيادات الإخوانية بالأربعينات

هذا الحوار تم نشره أمس بجريدة الخميس 21-أكتوبر 2010

الحوار الذي أنشره الآن كما تم نشره بالجريدة، يطرح تساؤلات حول وجود تيار الإصلاحيين بالجماعة، وهل هناك بالأصل ما يسمى تيار الإصلاحي بجماعة الإخوان، واين هم، ولماذا لم يخرج أبو خليل ورفاقه من التنظيم رغم إيقافهم وصعوبة تصعيدهم داخل الجماعة بعد الأحداث التي شاركوا فيها، ولماذا لم يلتزم أبو خليل ورفاقه بالقرار الحزبي للجماعة بالمشاركة في الانتخابات، ام كانت معارضة لأجل المعارضة والظهور فقط في الصورة

وإحداث جعجعة بلا طحن، وما هي أسباب إيقافه، وما هي آليات المحاسبة داخل الجماعة

وغيرها من نقاشات وأسئلة دارت بالحوار الأتي

..

المهندس هيثم أبو خليل هو أحد الذين رفضو الخروج من جماعة الإخوان المسلمين رغم قسوة ما يعانيه من هجوم ونقد لمواقفه المعارضه كثيراً ، واعتبر أن الصراع بينه وبين التنظيم هو صراع على مصلحة الجماعة الحقيقية التي يمثلها هو ورفاق له ينتمون فعلياً لفكر الإمام البنا، وليس كثير من قيادات الجماعة الحالية.. والذي وصفهم بـ " الإقصائيين".

تصريحاته وكتاباته في الصحف المستقلة " المصري اليوم" و" الشروق" أثارت عليه بعض قيادات الجماعة في الإسكندرية، فتم إيقافه ثلاثة أشهر، فلم يُذعن الرجل وأرسل إلى المرشد يطالبه بتبرير هذا الإيقاف، وؤغم ذلك تم تطبيق الإيقاف عليه.

الرجل الذي يشغل مديراً لمؤسسة مجتمع مدني " مركز ضحايا لحقوق الإنسان".. في الوقت نفسه هو أحد أشهر وأكبر المدونين الإخوان، فالرجل الذي تجاوز الأربعينات بسنوات قليلة مدونته " متر الوطن بكام" ..هي من المدونات التي تثير جدلاً كبيراً في الوسط الإخواني، وجداره على الفيس البوك يلقى تفاعلاً كبيراً من ناشطي الفيس بوك والمدونين، وبالطبع كثير من شباب الإخوان المساند والمعارض لمواقفه وكتاباته ...هناك وعند صفحته على الفيس " الوول" قبل أن تقترب منها مهم أن تأخذ خوذتك معها..فالتفاعل والجدال هناك يصل حتى إلى الرشق بالحجارة ...


أصدرتَ أنت ومجموعة من الإخوان بياناً تعارضون فيه مشاركة الإخوان للانتخابات، لماذا لم تنزلوا عند الإلتزام الحزبي للجماعة، هذا يحدث في كل الأحزاب، أم تعارضون لمجرد المعارضة والتواجد؟


أعتقد أن أسوأ كلمة يمكن أن أسمعها هي كلمة الإلتزام الحزبي وللأسف طبقها الإخوان مثل بقية الأحزاب في بلادنا، الإلتزام الحزبي في تقاليد الحزب لكن في قضايا الأمة فالإلتزام الحزبي أمر يضر الأمة خيانة ويلغي التفكير والمنطق والذاتية ويجعلنا نعود لعصر القبيلة .. نحن نقدم نموذج للأمة بأننا رغم تشرفنا بعضوية جماعة الإخوان إلا أننا غلبنا العام علي الخاص ونطالب بمقاطعة هذه المهزلة، أما المقاطعة من أجل التواجد فالحمد لله الأسماء التي وقعت علي البيان لا تحتاج تواجد لأن تاريخها يجعلها متواجدة بإستمرار وبقوة.


من تبقى فعلياً من قوى المعارضة ؟؟ الأحزاب الكبري ( الوفد- التجمع- الناصري) يشاركون، فضلاً عن الأحزاب والمجموعات الصغيرة، وهناك أنباء تتحدث عن نزول حمدين صباحي الانتخابات بضغط من دائرته، يتبقى لك الغد والجبهة، ولن يعتد كثيراً بمجموعة البرادعي


التي ليس لها وجود فعلي في مساحة الانتخابات؟


يا سيدي قناعتنا في مقاطعة الإنتخابات نابعة لقراءة للواقع الحالي الظروف تغيرت محلياً وإقليمياً وعالمياً ..لذلك الإشتراك هو إستنفاذ للطاقات دون طائل في ظل نزع الإشراف القضائي عن الإنتخابات، وفي ظل الأوضاع في غزة وتغير نظرة الإدارة الامريكية لملف الحريات في عهد أوباما والأحزاب التي ذكرتها لاوجود لها في الشارع ومقاطعة الإخوان للإنتخابات كان سيبطل حجة النظام أنه يزوِّر حتي لايفوز الإخوان

..

القيادي في التنظيم العالمي لجماعة الإخوان كمال الهلباوي، وأحد من وقعوا على بيان " قاطعوا لأجل مصر " اعتبر مشاركة الإخوان تعبر عن مصالح ضيقة جداً ؟


كلام سليم تماماً .. المصلحة الضيقة هي المشاركة بنسبة بسيطة من أجل الفوز بعدة مقاعد لن تغيير في الأوضاع الحالية شيء ..والنظرة الأعم والأشمل هي التجهيز لعصيان مدني يسقط هذا النظام الجاثم علي صدورنا، وهذا التجهيز يحتاج لسنوات وإجهاد الإخوان في الإنتخابات يؤخر تقدمهم سنوات.


ولماذا يشارك الإخوان فقط بـ170 مرشح في الوقت الذي يقدرون فيه على الترشح لكل مقاعد المجلس؟


بكل أمانة هذا لغز .. وما يدفع من أسباب أجده غير منطقي، ماذا سيختلف عن إنتخابات المحليات والشوري ..؟ ماذا تغيير بعد إبعاد القضاة عن الإشراف عن الإنتتخابات وإستمرار قانون الطواري ...! والمشاركة هذه المرة بـ 170 مقعد أو أكثر يسيء للإخوان؛ لأن عبارة "مشاركة لا مغالبة" عبارة خاطئة لو أستُدعيت في مشاركة الحزب الوطني، لكنها صحيحة في النقابات والنوادي لكافة القوي الشريفة في الوطن.

أعيد السؤال بصيغى أخرى، ما معنى أن تشارك بـ 170 هل تريد أن تظهر في الصورة كمعارض وفقط ، أم تريد تغيير جذري للنظام؟


للأسف رغم عدم موافقتي علي المشاركة في الإنتخابات لكنني كنت أتمني أن تغير الجماعة إستراتيجيتها مع النظام .. النظام لاينفع معه رسائل 30% والمشاركة لا المغالبة، النظام يريدك كمنظر وشو إعلامي بأن هناك معركة وفي نفس الوقت يدُق عظامك حتي لاتفوز بأي مقعد لأن هذا المجلس هو حياة لهذا النظام ، ويبقي سؤال لا أجد له إجابة .. مشاركة من ..؟ الحزب الوطني الفاسد ..!! يمكن أن أتفهم هذا الشعار في النقابات والنوادي حيث توجد قوي معتبرة وأشخاص يستحقون مشاركتهم لكن حزب المنتفعين والفاسدين فهذا تناقض

.


الإخوان قاطعوا الانتخابات التشريعية عام 90 مع كل الأحزاب السياسية-باستثناء التجمع- لكن التزوير حدث حينها ومرَّ مرور الكرام، فما الجدوى إذن من المقاطعة؟


يا سيدي المقاطعة رسالة حتي لانجمل وجه هذا النظام البائس ولنجعل حالة الإحتقان مستمرة ولا تسكن بإنتخابات وهمية يتم إستفزازنا بنزاهتها.


يتحدث الإخوان عن أن المشاركة ستساهم في فضح النظام حينما يعمل على تزوير الانتخابات، وسيستغل الإخوان حينها قدراتهم وامكانياتهم في فضح النظام أمام العالم ؟ أما الإكتفاء بالتوقف للمشاهدة فلا جدوى منه؟


النظام مفضوح ولا يحتاج فضيحة، وماذا فعل العالم لنا في إنتخابات المحليات والشوري بل في المرحلة الثالثة من إنتخابات 2005 عندما تم منع الناخبين أصلاً من دخول اللجان وعلي مرأي من العالم كله.


لكن الإخوان يعتبرون الإنتخابات –خصوصاً التشريعية- فرصة للإلتحام بالشارع، والوصول بالدعوة إلى الجماهير، والنزول ببرامج الإخوان بشكل لا يمكن الحصول عليه خارج محيط التوقيت الزمني للانتخابات؟


الشارع مفتوح 24 ساعة في اليوم لكنه الكسل يا سيدي والجمود وعدم تطوير الأساليب وإفتقار وجود كوادر مؤهلة تنزل الشواع للقيام بالدعوة الفردية بصورة جديدة ...بالعكس أيام الإنتخابات تكون العيون مفتحة والمضايقات أكثر.


تعليقك على فتوى الشيخ عبد الرحمن البر بتأثيم المقاطعة، بل واعتبر المقاطعة كالفرار والتولي يوم الزحف، ألا يُعد ذلك استخدام للدين في السياسة هو في النهاية أمر دنيوي متعلق باجتهاد بشري؟


لستُ في مقام من يناطح أستاذ فاضل مثل الدكتور عبدالرحمن البر لكن خلط المفاهيم كارثة والقول أن مقاطعة الإنتخابات تولي من الزحف مصيبة.


ماذا عن رد الفعل السلبي الذي طال موقعوا بيان " قاطعوها لأجل مصر" من اتهامهم بكونهم مجموعة خرجت من الإخوان ولا يمثلونها من الأساس؟


نحتسب مايقال نحونا لله، لكن ما يُقال أنه لايجب الإلتفات لما نقول لأننا خرجنا من الإخوان أفتئات علي الحقيقة و كذب بواح لايليق وإنما هو رد من يريد أن يريح دماغه من الرد والنقاش ..؟ وأقول لهم : هل الزعفراني خرج ..؟ هل جيهان الحلفاوي خرجت .. هل دكتور كمال الهباوي خرج ..؟ هل خالد داود وحامد الدفراوي ومصطفي كمشيش وعصام تليمة وأمجد أبوالعلا خرجوا ..؟ بل هل أنا خرجت ..؟ عيب ما يقال فهذا إستخفاف بالعقول لايليق.!!

للأسف ما حدث أمر لايليق حتي لو من باب التعريض فجميع الموقعين علي البيان ليسوا من الإخوان فحسب بل من قيادات الإخوان التاريخية .. هل الزعفراني ليس من الإخوان وهو كان عضو مجلس شوري عام منذ أربعة أشهر مضت ..!! وهل الهلباوي مسئول إخوان أوربا السابق ليس من الإخوان ..؟؟ من يقول أنهم ليسوا من الإخوان فليخرج لنا دليله هل تم فصلهم أو تقدموا بإستقالة .. البينة علي من أدعي وليست علينا

..

وهل هناك فرق بين الجماعة والتنظيم؟


الجماعة كفكرة ملك للجميع والتنظيم ملك العاملين في الإخوان وكلنا منهم كشركاء وليس كأتباع ومريديين لبعض القيادات، التنظيم كيان إداري إليه كالانتساب إلى الحزب غير أن العضوية فيه اصطفائية وليست بالاختيار وتمر بمراحل معقدة.


فعلياً هل أنت في التنظيم أم تنتمي إلى الجماعة بمعناها الأوسع؟


في الاثنين بالطبع


البعض يتحدث عن أن العسكرة الحقيقية التي حدثت للجماعة بعد المرشد الثالث للجماعة الأستاذ عمر التلمساني حينما تم تطبيق رسالة التعاليم –الخاصة بالتنظيم الخاص- علة التنظيم العام؟


الأستاذ عمر التلمساني نموذج راقي ومتفتح ولو أستمر من خلفه علي هذا النهج لكان للجماعة شأن أخر، نعم الجماعة لن أقول أختطفت ولكن أقول أتجهت (لأن البعض يغضب من بعض ألفاظي العنيفة والتي أستخدمها لينتبه الغافلون) للإنغلاق بعد التلمساني حفاظاً علي التنظيم من التغريب والإختراق هكذا يظنون، وبالفعل رسالة التعاليم الإمام البنا كتبها للتنظيم الخاص وليس لعموم الإخوان وهذا ما أوصلنا للحل الذي نحن عليه.


معيار الترقي والتصعيد في المستويات التربوية المختلفة صفات عشرة تمثل الجندية الحقيقية وأوله صفات الثقة في القيادة والسمع والطاعة، ألا ترى مخالف لتنظيم مدني.. وهل كان هذا الأمر مطبق أيام الشهيد حسن البنا رحمه الله؟


عمليات الفرز التي تتم طبقاً لمعايير معينة إهانة في حق الإخوان ..فلابد أن ننفتح كثيراً علي الأمة .. لا أفهم أن يكون من شروط الأخ الذي يتم تصعيده أن يكون عنده ثقة ومطيع ويقوم بعدة أمور منها علي سبيل المثال لا الحصر انتظامه في صلاة الفجر .. لماذا لا أفتح للجميع وبعد ذلك أشتغل عليهم من شاء يصلي الفجر فليصلي، ربما أستفيد كثيرا من شخص لايصلي الفجر أكثر من شخص مقيم في المسجد، الإمام الشهيد كان عبقرياً توافقياً ولذلك جميع مئات الألأف حوله في زمن قياسي وكان لا يلتفت ولا يفرز بهذه الصورة


وهل تستطيع الجماعة بعدها أن يظل تحتها واحد مختلف، أم هذا الأمر يعمل على تنميط أعضاءها وقولبتهم في قالب واحد؟


بالطبع هناك كثير مختلفين لكن لا يجاهر بما بدأ يتغير في داخله انه لو تكلم داخل التنظيم يكون ثرثار ويتم بروزته وركنه وينعت بأن دماغه بايظة وعنده مشاكل، ولو جاهر بما يراه فمصيره الإيقاف مثلي.

لماذا تم إيقافك 3 شهور؟


نتيجة التعاطي مع الإعلام وهز الثقة في القيادة ونقض البيعة ...هكذا قالوا لي


وهل تم ذلك وفقاً للائحة التنظيم داخل الجماعة؟


طبعاً لا .. وعندما واجهتم بذلك قالوا لي جري العرف علي ذلك، وعندما صرخت في وجوههم أنه حتي في تاريخ وأدبيات الإخوان لايوجد عقوبة على من يختلف ذهب كلامي أدراج الرياح، وتم توقيع عقوبة الإيقاف علي ثلاثة أشهر وللآن لايريدون عودتي إلا بعد إذلالي وأن أرفع يدي ووشك في الحيط وأقول حرمت ..لكن هيهات فسأظل رجل وسأعود رجل للجماعة وليخرج الأدعياء الأوصياء المعاقين للمبادرة والحركة من الجماعة


وما هي لائحة العقوبات في مثل تلك الحالة، وهل لإنك صرحت أو كتبت في الإعلام تنتقد الجماعة في مشاركتها للانتخابات ؟


يا سيدي لك أن تتخيل أن جماعة بعمر الإخوان ليس فيها لائحة تقاضي أو عقوبات بل الأنكي من ذلك ليس فيها برنامج لحزب ولم يتذكروه إلا من عدة سنوات لكن للأسف جمدو برنامج الحزب.


الإخوان يتحدثون عن أن المجموعة التي وقعت البيان كلهم من خارج الجماعة، أو جمدوا أنفسهم بل وصل الأمر لاتهام أحدهم ببعض المخالفات المالية الشديدة أقصد المهندس خالد داوود؟ في النهاية توصفون بأنه ليس لكم صوت حقيقي في الداخل؟


كما قلت سابقاً كلهم من الإخوان ومن عنده دليل علي غير ذلك فليخرجه لنا وافجرلك مفاجأة من العيار الثقيل تفضح الإزدواجية عند البعض ففي الإعلام ينفون أننا إخوان وفي الداخل قام أحد أعضاء مكتب الأرشاد الذين كنت أعتز بهم بالأتصال ببعض من وقعوا وطلب منهم تكذيبنا في الصحف أو حتي علي موقع الإخوان، أما ما قيل في حق المهندس خالد داود فهناك من يريد أن يخرجنا عن الموضوعية ويشخصن المواضيع حتي ولو بالكذب، فليخرج لنا العضو المحترم الذي يتهم قيادة تاريخية معتبرة في حجم خالد داود ويذكر لنا مخالفة واحدة فقط ، لكن للأسف من يتصدي للإعلام الآن يفتقد بعضهم الأدب والذوق عند الإختلاف مع أساتذة أساتذته، لنا صوت بل صوت مدوي وستشهد الأيام القادمة مفاجآت كبيرة.


بشمهندس هيثم دعنا نتكلم عن الإصلاحيين في الجماعة، الإصلاحيين في العرف السياسي لديهم رؤية وأجندة وتواجد حقيقي في المجموعة السياسية التي ينتمون إليها، وسيطرة على بعض المساحات التنظيمية ، وقبول في القواعد السياسية التي تشكل بنية الحركة السياسية، اين أنتم من ذلك كله أنتم فعلياً خارج التنظيم، ليس لكم صفة تنظيمية بالجماعة، الرؤية السياسية غير موجودة؟


يا سيدي نحن كأصلاحيين نريد التطوير الإداري الشامل و تطوير خطة بناء وتربية الأفراد لتنتج المواطن المسلم ذو الشخصية المتكاملة من جميع النواحي، تطوير وتصويب بعض المفاهيم المغلوطة السائدة عن معنى السمع والطاعة والجندية والثقة والبيعة والنصيحة التي تُستغل في إعاقة جهود التطوير والإصلاح وتتيح الفرصة للاستبداد والجمود، وتطوير مفهوم تعامل الجماعة مع الدولة ومع الأحزاب الوطنية والمجتمع الدولي، وإعداد رؤية تصالحيه مع الجميع منبثقة من مباديء الدعوة الإسلامية التي تجمع ولا تفرق.

إن المفهوم الشامل للإسلام لجميع نواحي الحياة لا يعني أن مؤسسة جماعة الإخوان المسلمين هي المسئولة عن تطبيق جميع نواحي الفهم الشامل للإسلام، فهي ليست دولة ولا تستطيع ولا ينبغي لها أيضا. لأن هذا الأمر يحتاج إلى مؤسسات عدة كل له هيكلها وأفرادها واستقلاليتها، ولذلك دعني أقول لك لدينا رؤية متكاملة وغالبيتنا داخل التنظيم ولو هناك أحد خارجه فتأثيره موجود وقوي.


بهذا الشكل صعب أن تصلوا لمكان مؤثرفي التنظيم، أشخاص مثل عصان العريان، وأبو العلا ماضي قديماً، وعبدالمنعم أبو الفتوح وصلوا في ظرف تاريخي استثناءي أيام التلمساني، الآن مثلاً أبو الفتوح تم إقصاءه من مكتب الإرشاد؟ وخطابه كان غير مقبول من قيادات الجماعة، لماذا التمسك بجماعة تلفظكم، لماذا لا تخرجون بمشاريعكم الصغيرة أو الكبيرة؟

الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح فارس الإخوان ويتعامل بأخلاق الفرسان النبلاء وتواجده في قلوب المخلصين من أفراد هذه الجماعة، وفكره يسبق الجماعة بعدة عقود من الزمن لذلك تم إقصاءه بطريقة مؤسفة ..وخطابه غير مقبول فقط من أصحاب الكهف الذين حبسوا أنفسهم داخل أفكار أعطوها صفة القداسة دون تغيير أو تطوير .. ومن قال لك الجماعة تلفظنا ..؟ من يلفظنا مجموعة الإقصائيين فقط أما الجماعة فهي ملك للجميع، وبالنسبة للمشاريع المختلفة تحتاج للعنصر البشري كي تنجح وعندما تنتشر فكرتنا أكثر سنطرح هذه المشاريع.


ولماذا لا تقومون أنتم المعترضون على شكل الجماعة الحالي بإنشاء حركة سياسية ذات مرجعية إسلامية بديلة، تعمل في السياسة فقط وتتحرك في الشارع بدون انتظار على الحصول على المشروعية كما هو الحال في كثير من الحركات الاحتجاجية السياسية الجديدة؟


الجماعة لديها المجموعة البشري الذي من خلاله يمكن أن يحدث التغيير الحقيقي.


تخيفكم تجربة أبو العلا ماضي وعصام سلطان لو فكرتم في الخروج وإنشاء كيان سياسي بديل؟


المجتهد لابد أن نثمن عمله مهما أختلفنا معه .. أستطيع أن أقول لك أنالمهندس أبوالعلا ماضي والأستاذعصام سلطان ربما يكونوا قد أخطأوا في خطابهم الموجه للإخوان لكن تجربتهم ثرية وإن كان ينقصها تحرك علي الأرض، ومع تطويرها ربما تجذب الكثير

.

ما الفارق برأيك بين إخوان الأربعينات وإخوان الثلاثينات، أتكلم بالخصوص على الشكل التنظيمي المغلق الموجود حالياً، والشكل التنظيمي المفتوح الإصطفائي بالأربعينات؟


الفروق كلها تدور في نطاق الفهم ..هناك من يقرأ الواقع والظروف المحيطة جيداً وهناك من هو منفصل عن الواقع، أعطيك مثالاً؛ مكتب الإرشاد الحالي تخيل لو أنهم يتواصلون مع الناس في عمل عام أو عن طريق الإنترنت وسمعوا الرأي الأخر ورأي الناس فيهم ربما تغيرت قناعات البعض ممن عندهم إستعداد لذلك وكانت النتائج مذهلة، لأن الوعي يوسع الأفق حتي ولو كانت تنظيمية مغلقة.


" فريد عبدالخالق، الشيخ الغزالي ، محمد عبد الحليم أبو شقة، عبد العزيز كامل، جمال الدين عطية، أحمد كمال أبو المجد، الشيخ الباقوري..وغيرهم ممن صاروا رموزاً بعدها، لماذا برأيك لماذا يستطيعوا العيش في ظل الجماعة؟

لقد نسيت الأستاذ فتحي يكن والأستاذ عبدالرحمن الراشد والأستاذ عمرو خالد والعلامة يوسف القرضاوي ... لأن التنظيم يقتل الإبداع والإنطلاق..وبكل أمانة أقول لك لو ظل عمرو خالد بالجماعة لكان الآن يلقي كلمة في لقاء في مسجد لايحضرة سوي العشرات.


"أنت تتبع أسلوب الشهره الذى يتتبعه الكثير من الصحفيين أصحاب الأقلام القذرة" .. "أيها المفكر العبقرى .. أعتقد ان الهدف من نقدك هو التشويه ".. "، " صدقنى انت كده بتصغر نفسك" هذه بعض التعلقيات الكثيرة جداً على صفحتك بالفيس بوك، برأيك ألا نعطي بعدها المبرر للخوف من الماكينة التي أنتجت عقليات بهذا الشكل؟


هؤلاء الشباب رغم ضعف مستواهم الثقافي والسياسي وبالطبع التربوي، إلا أنهم يمثلون أفضل شيء داخل الجماعة فهم شباب رائع جداً يحب دينه ووطنه ويريد أن يعمل شيء لهم وبأي ثمن، لكن سامح الله من تركهم عرضة لهذا الخلط المخيف في المفاهيم فمن ينتقد الجماعة كأنه ينتقد الإسلام ومن ينتقد القيادة فكأنما أنتقد الصحابة، وبالطبع يعطي إنطباعات كارثية وينذر ببلوغ الإخوان مرحلة الشيخوخة في الإنتشار والتمدد.!

لماذا لن تقوم ثورة على الفيس بوك

(1)

الطاولة للبيض فقط

في الرابعة والنصف من مساء يوم الإثنين أول فبراير عام 1960م، دخل أربعة أصدقاء من طلاب الجامعة السود إلى أحد مقاهي جرينسبورو بولاية كارولينا الشمالية، وجلسوا على أحد الطاولات وطلب أحدهم فنجانا من القهوة لتجيبه النادلة: نحن لا نقدم خدماتنا للزنوج على هذه المناضد، ثم أشارت لركن بعيد حيث يوجد بار خصص لتقديم الطعام والشراب للعملاء من السود وهم وقوف، لم يكد الشاب يجيب النادلة حتى كانت أخرى سوداء أكبر سنا تتقدم منه وهي تقول بلهجة ناصحة لم تخل من عنف "أنتم تتصرفون بحمق". كان واضحا أن الشباب الأربعة قرروا أن يواجهوا العنصرية المقيتة، فاستمروا في مكانهم حتى إغلاق المقهى، وعادوا في اليوم التالي مع زملاء لهم من الجامعة، سبعة وعشرين شابا وأربعة فتيات من السود، واحتلوا طاولات المقهى العنصري المخصصة للبيض من الصباح للمساء، وفي صباح الأربعاء ارتفع العدد إلى 80 طالب من الجامعات والمدارس الثانوية، ثم زاد إلى 300 يوم الخميس، منهم سيدتان من البيض، وفي يوم السبت التالي قفز العدد إلى 600 في المقهى وخارجه، وانتشرت فكرة الاعتصام وشرع طلاب من السود وبعض البيض في تنفيذها في مدن مجاورة، ثم تجاوز الأمر حدود الولاية، ولم تمر أسابيع ثلاثة حتى كان قرابة السبعين ألف طالب يشاركون في الاعتصامات في كافة ولايات الجنوب الأمريكي، وواجه الثائرون قمعا بوليسيا اعتقل خلاله الآلاف، وترددت أخبار عن التخلص من عدد كبير بالقتل من قبل متطرفين بيض مسلحين، لكن الثورة كانت كحمى لا تهدأ، حدث هذا بغير بريد الكتروني ولا فيسبوك ولا تويتر



(2)

ثوار أونلاين

في ربيع 2009 تظاهر عشرة آلاف مواطن في مولدوفا ضد حكومتهم فيما عرف بثورة التويتر، حيث استخدمه المتظاهرون في التواصل والاتفاق على مكان وزمان الحشد، وفي طهران في نفس العام قامت مظاهرات طلابية عقب إعادة انتخاب أحمدي نجاد، وطلبت الخارجية الأمريكية من إدارة موقع تويتر تأجيل صيانة مخططة للموقع حتى لا يحرم ثوار طهران من آلية التواصل عبره، والسؤال هنا، هل كانت تلك الآلاف العشرة ممثلة حقا لجماهير مولدوفا؟ هل كان نشطاء الانترنت والمبشرون الرقميون بالديمقراطية ممثلين لشعب إيران؟ أم أن استسهال الصحف الغربية نقل أخبار الأحداث والآراء من عبارات التويتر ضخم الأمر؟ وفي كل الأحوال، وما الفارق بين ما فعله الشباب السود في ستينات القرن الماضي في حركة الحقوق المدنية وما يفعله شباب العالم الثالث اليوم على الفيسبوك والتويتر؟ ما الفارق بين ناشطي الأرض وناشطي الانترنت؟



الرفاق والثورة

لقد واجه النشطاء الأربعة الأوائل في ذلك المقهى خطرا حقيقيا، فقد تدخل البوليس أحيانا برجال بيض متحفزين لكسر عنقهم، وظهر متطرفون من جماعة كوكلكس كلان العنصرية في مسرح الأحداث، ووصل الأمر لدس قنبلة والتحذير من انفجارها مما أدى لإخلاء فوري في أحد الأيام، لم تكن الثورة فسحة لطيفة إذن، ولم يقتصر الأمر على التهديد، فقد قتل ثلاثة ناشطين من حركة "صيف الحرية" في مسيسبي وأحرقت عشرات من كنائس السود ومنازلهم، وطارد المتطرفون البيض المسلحون ناشطي الثورة في الشوارع واعتدوا عليهم وقتلوا منهم عددا كبيرا، لهذا لم يستمر كل من بدأ حركة صيف الحرية وآثر البعض السلامة، فماذا دفع البعض للاستمرار في المواجهة والبعض للفرار؟ هذا سؤال حاول عالم الاجتماع الأمريكي دو ماك-آدم دراسته والرد عليه فكانت الإجابة هي الروابط الإنسانية، فالكل كان مشتركا في الدافع، لكن من كانت لهم علاقات وطيدة بناشطين فاعلين كانوا أكثر استمرارية ممن كانوا وحيدين في الحراك التحرري، وما ساعد طلاب كارولينا كانت علاقتهم الوطيدة ببعضهم كزملاء دراسة، مما جعل من العار على أحدهم أن ينسحب تاركا رفاقه في المعركة ضد سطوة البيض، ووجود الرفاق حوله بنفس الوقت يشجعه على المضي قدما ويؤنسه في مواجهة القمع والتضحيات

نشطاء بلا تضحيات

الحملات الإلكترونية على النقيض مما ذكرناه، لا تقوم على الروابط الإنسانية القوية، ولكن على شبكات المعارف الواسعة، وهي تنجح كلما كان المطلوب ممن يشارك فيها بسيطا ولا يكلفه شيئا من مال أو جهد أو حتى وقت، فالدعوات التي نجحت في ضم عدد كبير من الداعمين لها على الفيسبوك وغيره من شبكات الميديا الاجتماعية كان العامل المشترك بينها أنها لا تطلب منك الكثير، وسيلة ظريفة لتشعر أنك ناشط وتربت على ضميرك الإنساني مثلا بأنك تدعم الإنسانية في دارفور من خلال التبرع ببضعة سنتات، وكلما كان ما تطلبه الحملة أقل كلما كان الأتباع أكثر، فحملة إنقاذ دارفور التي تبرع أعضاءها بمتوسط 9 سنت وصل عدد الأعضاء فيها 1,282,339 عضوا، وشبكة شبيهة لدعم دارفور تبرع أعضاءها بمتوسط 15 سنتا لم يتجاوز عدد الأعضاء الألفين، بينما نجحت حملة للتبرع بنخاع العظام لمريض أمريكي اسمه سمير بحاتيا، أطلقها صديق له، والنجاح النسبي هنا مرجعه لأن الحملة لم تطلب الكثير في البداية، كانت فقط تقتضي تسجيل بيانات المتطوع وتقديم مسحة من اللعاب، وهكذا نتج من الحملة بنك معلومات عن متبرعي نخاع العظام، وحصل سمير على النخاع الذي ينقذ حياته. وكاتب الدراسة يدفع بأن الحملات والدعوات التي قد تعرض المشاركين لأي خطر أو تضحيات ملموسة تكون عادة محدودة الفرص في النجاح في العالم الافتراضي، وليس بإمكان أحد أن يتنبأ كم نسبة من سيقبلون عند الحاجة التبرع بنخاع العظام من بين "متبرعي اللعاب" المسجلين

تيارات التغيير وتسلسل القيادة

يرصد الكاتب هيراركي حركة الحقوق المدنية في الستينات والسلطة المعنوية الضخمة لمارتن لوثر كنج مثلا، والقيادات الفرعية التي حددتها الحركة والتحركات التي كانت منضبطة بشكل شبه عسكري، والروابط القوية القريبة من رابطة الدم التي كانت بين أعضائها (وهنا نعود لفكرة الأخويات التي تحدثنا عنها سابقا)، ويقارن هذا بحالة نشطاء الفيسبوك مثلا، والذين ينتظمون في شبكات لا مركزية ولا وجود فيها لأوامر ولا انضباط، ولأن الشبكات لا تشكل الزاما على أحد، يكاد يستحيل فيها وضع أهداف والاتفاق على استراتيجيات، بل تحدث الحركة بمشاعر القطيع، فمن المستحيل أن تصل لاستراتيجية خلاقة عندما يكون لكل فرد في المجموعة صوت مساو للآخرين بدون قيادة ولا درجات هيراركي واضحة، ومادام المطلوب هو تغيير منهجي فلابد أن يكون الحراك منهجيا، أما شبكات الناشطين اللامركزية فيمكن أن يكون لها دور تنويري مؤثر، أو دور في نشر الوعي الصحي والاجتماعي مثلا، فهي جوانب لا تقتضي وجود روابط قوية بين المشاركين فيها، ولا أن يعرف بعضهم بعضا بالأساس، فالرابط بينهم هو الإيمان بالفكرة، وكل المطلوب منهم أن ينضموا لمجموعة مثلا ليشكلوا معا عددا مؤثرا على الميديا والرأي العام يدفعه للاهتمام بالأمر


الخلاصة في كلمتين

* الفيسبوك وغيره من الشبكات الاجتماعية تقوم على الروابط الضعيفة التي تجمع بيننا فيها المعلومة المتاحة، بدون روابط قوية تعيننا على الثبات في مواجهة الخطر، لهذا تصلح للتنوير وليس للتغيير
* تسهل تلك الشبكات على الناشط أن يعبر عن رأيه وموقفه، لكنها لا تضمن لهذا التعبير أي أثر ملموس في تغيير أي شيء
* نجاح أي حملة أو دعوة على الإنترنت يعتمد على مدى ما يتطلبه الانضمام إليها من تضحية بالجهد أو الوقت أو المال، واللا-تضحية تضمن الانتشار بلا حدود
* التغيير المنهجي يحتاج لتيار منظم كتيار الحقوق المدنية في أمريكا الستينات، وسلطة أدبية أو روحية للقيادة تعوض
غياب السلطة الفعلية لتحريك الجماهير وضمان التزام الأفراد