الأحد، 3 مايو 2009

اتجاه عكسي

ظللت كل تلك الأيام العصيبة وانا اُعانى فى مذاكرة هذه الماده الثقيلة الكئيبة على قلبى .." الكيمياء العضوية " .

طالما كانت عبئا علىَ خلال سنوات دراستى الثلاث الماضية، وها هى تقف حجر عثرة فى سبيل حصولى على التقدير الذى اتمناه فى السنه الأخيره فى كليتى، لقد حانت اللحظه الأخيره لأنُهى معاناتي معها ..!

ظللت الأيام السابقه للأمتحان أُراجع ما ذاكرته خلال أيام السنة، مع مراجعة كل الملازم وحل كل إمتحانات السنين الماضية ..

"بارك الله في امى وأبى قد سهرا بجوارى وظلا يُصليان؛ مع دعواتهما لى أن يوفقني الله في هذه المادة بالذات للحصول على تقدير عال".

دخلت علىَّ أمي ليلاً كعادتها تحمل صينيه مليئة بالطعام، مع كوب من اللبن وهى مبتسمة الثغر مستبشره.. هتفت فى نفسى "كم احبك يا أمى "
قالت لي أمي :"إستبشر خيرًا يا بني"

سألتها " : خيرًا يا أماه ..؟!

:" رأيتُ لك رؤيا اليوم مبشرة..رأيتُك وأنت على مِنصة في حشد من الناس يصفقون لك ؛ وأنت واقف بينهم فرح مبتهج .."

"لعله خيرا يا اماه، أدع الله لي"

تركتني امى بعد أن دعت لى بالخير ثم أكببت على دروسي لم يبق إلا يوم واحد وتبدأ الملحمة...!!!

قطعتُ فى - هذه الأيام بالخصوص- اتصالاتى برفقائى حتى زملائى بالكليه؛ حتى استقر واهدأ تماما لمذاكرة الماده ..

ظللتٌ اليوم السابق على الأمتحان أعمل على مراجعة المادة، وأدخلت نفسي امتحاناً شبه حقيقي حيث أغلقت علىَ باب حجرتي ثلاث ساعات، ثم أجبت على امتحان في الكيمياء العضوية من "ملزمة الأختبارات "، واجبت فيه بما هدأ من روعي قليلا، ثم قرأت العناوين الرئيسية والفصول الهامه، ثم نمت ثلاث ساعات فقط وبت أحلم بنجاحى وتفوقى ..."

أحببتٌ أن أنتهز فرصة الوقت المتبقى بعد الفجر وعزمت علي أن لا أخرج مبكرا في القطار وانتظرت بمنزلي أذاكر ساعتين؛ ثم آخذتٌ تاكسياً حتى الجامعة توفيرا للوقت .

وصلت لباب الجامعة وما زالت أوراقى بيدى أُراجع كل صفحه متوقعا أن يأتى الأمتحان فى الماده بأكملها، نظرت الى الساعه لقد تأخرت بضع دقائق أغلقت الكتاب ثم وضعته بجوار المدرج ودخلت وأنا أتعثر فى خُطواتى مرتبكا كعادتى .!

نظر إلىّ المراقبان فى غضب ظهر فى أعينهم ثم اعتذرت فى كلمه مقتضبه ..

دخلتٌ على مقعدي الأول في الصف الأيمن نظرت الى رقم جلوسى المكتوب على المقعد ثم نظرت الى المراقب أحثه على إعطائى ورقة الأسئله اخذت دقات قلبى تتسارع وانا ُتمتم ببضعة أدعيه وآيات قرآنيه.

"إتفضل ورقة الإجابه ..." قال المراقب
"وورقة الأسئلة.....؟؟؟ قلتُ بصوت مبحوح

:"لاتستعجل صبرك بالله حالا" هدأني المراقب .

تمتمت :"كيف لقد مرت عشر دقائق"

كتبت بياناتي على ورقة الأجابه ثم سطرتها ..
أعطانى المراقب ورقة الأسئله لم انظر إليها، قلبتها على وجهها حتى أكمل تسطير ورقة الإجابه ثم أمسكتها وقرأت الأسئله فى لهفه واضحه ثم قفزت عينى بسرعه الى إسم الماده على الورقه هتفت وشفتاى ترتجفان :

"تفاضل وتكامل "...؟!!!

ندت عن صدري زفره ملتهبة إرتجفت يدي فسقط القلم من بين أاصابعى بصوت مسموع، إلتفت لي المراقب الذي يقف بجواري نظرت له مشدوها بضع دقائق إنحنى والتقط القلم ثم ناوله لي " اتفضل.."
لم يلاحظ دمعه تترقرق فى عينى ..!
سألني بحنو :ماذا بك يا ولدى .؟!
فركت عيني بيدي وأنا أقول له :"عذرا أستاذي لقد طُرفت عيناي" ....!!!

هناك تعليقان (2):

  1. :D
    صعبه اوي
    اسلوبك جميل جدا يا استاذ احمد
    بس اهه الاتجاه الغلط ده هيخلليك تركز اوي طول حياتك بعد كده
    و هيخللي اللي انت تحكيله الكلام ده يركز اوي في اتجاهه
    المهم اتعلمت؟

    ردحذف
  2. شكرا ليك يا عياش، منور المدونة .
    كنت باكلم " وائل عادل " باقوله إن قليل اللي فهم المغزي الرمزي من القصة ..ودلالتها مركز في الأتي:"
    1- عدم وضوح الرؤي علي المستوي الحياتي بيخليك تبذل جهد ضخم في مسار بتظنه صح، وبعد وقفة مع النفس ..يبان انك ماشي في مسار غلط استنفذت فيه جهد ووقت وعمر ..وبعدها تبدأ من جديد يمكن ده يبان أوي في اللي عايز يغير مساره المهني من هندسة أو طب أو صيدلة لمجال انساني زي الصحافة والأدب والفكر مثلا ً ودول كتيير ...تصدق اني أنا ومديري في الشغل وصديقي اللي جنبي كلنا شغالين في الصحافة وكلنا علوم قسم كيمياء ..!!!

    2- الأسوأ ..أن توجد حركة تغييرية تسير في مسار طويل، وتبذل تضحيات عظيمة ..وبعدها تدرك أو يدرك أفرادها أنهم ليسوا في المكان الصحيح ..عندها يصبح الألم كبيرا ..كبيرا جدا يا عياش...

    ردحذف